آخر الأحداث والمستجدات
متى ضاعت الثقافة بمكناس ؟
في مكناس يكثر حديثنا عن ركود التنمية ونتناسى شقا أصيلا و مكونا ركيزا لها وهي الثقافة. فبين مهرجانات رقص الغناء بمكناس وفسحة الثقافة ضاعت مسكينة إلحاق العطف بإعلان الموت الإكلينيكي لها. ضاعت الثقافة بين إبداع المبدعين وقراءة عقول المتلقين الشحيحة. من قتل الثقافة بمكناس؟ سؤال لن نستطيع الجواب عنه بالنفي أو الإيجاب، ولكننا نعلن أن دم الثقافة بمكناس تفرقت فصائله شيعا بين قبائل السياسة ومدبري الشأن الثقافي بالمدينة.
منذ الزمن غير البعيد كانت الحركة الثقافية بمكناس تحمل مشعل التسويق الرصين على الصعيد الوطني، كانت الكلمة الملتزمة في زمن قلم الرصاص مدوية، كانت حلقات الفكر و الحوار تشد عليها أيد من وثقنا بهم من زمن رجالات الحركة الوطنية، كان شأن الثقافة يستنير بالحداثة و يفك طلاسم فكر " الرمح المسحور/ أحمد والعفريت" ، كانت تلك الثقافة الراقية تنهل من الفكر النقدي التحرري، ومن الحركات الثورية المضادة للاستبداد. ومن المؤسف أن زمن ثقافة الالتزام بقضايا الوطن والمواطن بمكناس انتهى بمتلازمة ادفع بمهرجانات الشطيح إلى الأمام.
لكن من مواطن العبث أن نلقي باللوم الكثيف على الفئة المستنيرة من المثقفين المكناسيين والوطنيين على إتباع حميتهم السبقية والركون إلى زاوية الانتظار، من الخجل الاجتماعي أن نرفق اللوم بالمتلقي المكناسي ونعترف بأن التحولات الاجتماعية السريعة قد حولته بثلاث أرباع مساحة الدائرة نحو منصات الغناء والشطيح وفق الزمن الفارغ والمستديم. هنا للحقيقة التاريخية الأمينة نستوثق من قولنا ونعري بالنقد أن مندوبية الثقافة بمكناس تعيش زمن الصورة وتسويقها عبر مهرجانات ثقافة الغناء ولو بشقه التقليدي المأثور، نستوثق أنها تتواجد بالحضور والبصمة في كل مهرجانات الغناء، نكشف أنها تغيب ثقافة الالتزام، تغيب ثقافة الفكر والنقد واستنطاق ظلم المسكوت عنه بالمدينة من وضعيات غير سليمة.
مندوبية الثقافة بمكناس سلمت مشعل الشأن الثقافي بطواعية إلى جمعيات المجتمع المدني وأصبحت تحضر بدعوة مهرولة ، سلمت الثقافة إلى جمعيات المشاريع (المستحدثة) و التي تبحث عن إشعاع ما هو ثقافي ولا فني ويفوق ظل منتسبيها (لا أعمم القول، هناك استثناء) . هي حال وضعية الثقافة بمكناس، لا رؤية واضحة، ولا برنامجا سنويا معلوما ، ولا خطة إستراتيجية لحلحة الثقافة بمكناس ولو بعودة " المهرجان الوطني للمسرح" إلى مهد النشأة.
وبعيدا عن ثقافة حضور مندوبية الثقافة بمكناس بقوة في المهرجانات بمتم إعلان نفيرعيساوة بالمدينة، نجد ثقافة مستحدثة وهي ثقافة المقاهي الأدبية الفخمة، والتي تدار حلقاتها "بدعوات قبلية " لأن فيها الموائد بما لذ وطاب من الأكل والشراب، لأن فيها الثقافة التي تناقش الفكر المعياري وتترك ما يكابده المواطن المكناسي في حاضره من تحولات إكراهية في نمط عيشه وسلوكه.
مكناس رحمة الله على الفعل الثقافي الملتزم، رحمة الله على التنوير العقلاني، رحمة الله على الرصيد المعرفي والفكري لرواد الحركة الثقافية الوازنة.
أناديك مكناس وأعلن ، أن يقظتك الفكرية لن تكون وليدة وعي فجائي عفوي بمقهى أدبي فخم أو بصورة ضاحكة لثقافة المندوبية، بل لا بد أن تكون نهضتك الثقافية بارتباط وثيق مع تنمية مستدامة مكمولة بتحدي إكراهات وقف التنفيذ.
ذ / محسن الأكرمين.
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2017-07-29 20:14:10 |